الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما الحل مع زوج دائم التوتر والحزن ويرفض العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكرًا لكم على هذه الخدمة، وجزاكم الله خيرًا.

مشكلتي تتعلق بزوجي؛ فهو يعاني من توتر شديد، ويغضب لأتفه الأسباب، ويبدو أنه غير مستمتع بحياته، يعاني من تقلبات مزاجية حادة، إذ ينتقل من حالة إلى أخرى خلال وقت قصير، ويشعر بالكآبة والحزن بشكل دائم، كما يشكو باستمرار من الإرهاق، ومشاكل في القولون، وضيق في الصدر.

زوجي متأثر كثيرًا بمشاكل أسرية قديمة ما زالت تلازمه نفسيًا، فهو يسترجعها باستمرار ويحزن عليها، ويردد دومًا بأنه لم يعش حياته كما ينبغي، وأحيانًا يلجأ إلى التدخين للتنفيس عن ضغوطه، رغم أنه محافظ على صلاته وناجح في عمله، لكنه يشعر دومًا بعدم الراحة والرضا.

وقد انعكست حالته النفسية عليّ، فأصبحتُ عصبية، وأشعر بالحزن والخوف الشديد، وأعاني من صرير الأسنان أثناء النوم؛ ممَّا يُسبِّب لي آلامًا شديدة، رغم أنني أمارس الرياضة، وأنا –ولله الحمد– ملتزمة دينيًا.

رفض زوجي الذهاب إلى طبيب نفسي، إذ يرى أن التوتر الذي يعانيه هو ضريبة النجاح في عمله، كما يرفض ممارسة الرياضة بحجة شعوره المستمر بالتعب.

أرجو منكم مساعدتنا بوصف علاج مناسب لكلينا، على أن يكون خاليًا من الآثار الجانبية التي قد تؤثر على أداء العمل، فأسرتنا على وشك الانهيار، وقد طلبتُ الطلاق مرارًا لشعوري بعدم قدرتي على تحمُّل هذه الضغوط.

جزاكم الله خيرًا، وباركَ فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على تواصلك وثقتك في هذا الموقع، وكذلك على اهتمامك بأمر زوجك، ونسأل الله تعالى لكما العافية والشفاء والإصلاح في الأمر كله.

ما ذكرته عن زوجك الفاضل يدل على أنه يمتلك شخصية قلقة وانفعالية، ممَّا أدى إلى شعوره بالاكتئاب والكدر، وبما أنه متقلِّب المزاج، فإن هذا يُعد من العوامل التي تُهيئ الإنسان للشعور بالقلق والاكتئاب وعدم الراحة.

الشعور المستمر بالإرهاق، ومشاكل القولون، وضيق الصدر؛ كلها أعراض جسدية نشاهدها كثيرًا لدى من يعانون من القلق أو الاكتئاب.

أمَّا عن الصعوبات التي مرّ بها في محيطه الأسري، فهي تجارب يمر بها كثير من الناس، ويبدو أن زوجك لديه استعداد نفسي لعدم تحمُّل هذه الصدمات أو التكيُّف معها، ممَّا انعكس سلبًا على حالته النفسية.

أمَّا التدخين باعتباره وسيلة للتنفيس عن التوتر، فهو للأسف من الوسائل السلبية وغير المقبولة؛ لأن النيكوتين في حد ذاته قد يزيد من التوتر والانفعال.

الأفضل أن يتقبَّل زوجك فكرة زيارة الطبيب النفسي؛ فمثل هذه الحالات تُعالج –بإذن الله– من خلال الإرشاد السلوكي وبعض الأدوية النفسية البسيطة.

حاولي إقناعه بأن الطب النفسي الحديث يُعالج حالات التوتر وعسر المزاج والقلق، وليس بالضرورة أن يكون الإنسان مصابًا بمرض نفسي أو عقلي حتى يستفيد منه.

ذكّريه دائمًا بإيجابياته، وبأنكم -والحمد لله- كأسرة تملكون الكثير من مقومات الاستقرار، فبناء صورة سلبية عن الذات يؤدي إلى تجاهل الإنجازات والنعم، ويزيد من مشاعر الإحباط وفقدان المتعة بالحياة.

الرياضة ضرورية ومفيدة جدًّا، ويجب أن يُدرك زوجك أنها تعزز القوة النفسية قبل الجسدية.

أمَّا أنتِ، فإن ما تعانينه من أعراض يبدو أنه نتيجة لتأثرك بحالة زوجك واهتمامك به، وهذا أمر مأجورة عليه – بإذن الله- لكن من المهم أن تعلمي أن حالة زوجك ليست خطيرة ويمكن علاجها، وأن تختاري الوقت المناسب –عندما يكون مزاجه جيدًا– للحوار والنقاش معه، فاختيار التوقيت له دور كبير في تقبله لما يُقال.

وبالنسبة للعلاج الدوائي، فهناك أدوية فعالة وآمنة –بإذن الله– مثل الـ (مودابكس، moodapex) واسمه العلمي (سيرترالين، sertraline): يُنصح بأن يتناوله زوجك بجرعة 50 مليجرام يوميًا لمدة 6 أشهر، ثم يخفض الجرعة إلى حبة واحدة كل يومين لمدة شهرين، ثم يتم التوقف يتوقف.

كذلك يتناول الـ (دوجماتيل، dogmatil) واسمه العلمي سلبرايد (sulpiride) بجرعة 50 مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم يتوقف عنه.

المودابكس هو الدواء الأساسي، والدوجماتيل دواء مساعد ومُعزّز للعلاج. هذه الأدوية فعالة وآمنة، وغير إدمانية –بحمد الله-.

أمَّا بالنسبة لك فيمكنك تناول: موتيفال (motival): دواء خفيف ومتوفر، لا يحتاج وصفة طبية. ابدئي بجرعة حبة واحدة ليلاً لمدة شهر، ثم حبة صباحًا وأخرى مساءً لمدة شهرين، ثم عودي إلى حبة واحدة ليلاً لمدة 3 أشهر، ثم توقفي عن استخدامه.

ينصح بممارسة الرياضة لكِ وله، ورياضة المشي تحديدًا لها آثار إيجابية كبيرة خاصة عند ممارستها مع شريك أو قريب، كذلك عليك أن تتذكري دائمًا الجوانب الإيجابية في حياتك، وتتجنبي التفكير السلبي، فهو يسرق منكِ لذّة الحياة.

حثّي زوجك على التوقف عن التدخين، ومع القناعات الجديدة والعلاج المناسب والإرشاد والدعاء، سيكون بإذن الله على طريق التعافي.

نسأل الله لكما التوفيق والصحة والعافية، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً