الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

متردد، وأتخوف من اتخاذ القرارات المهمة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سأتم 31 عامًا خلال الأشهر القليلة القادمة، ولم أتزوج بعد، لا يوجد سبب سوى ترددي، خَطبت مرة من قبل، وكانت علاقتنا جيدة جدًّا، وكانت تحبني كثيرًا وكنت أحبها، لكن دائمًا كانت تراودني وساوس بأنها ليست الشخص المناسب، وأنه يوجد من هي أفضل منها، وهذا كان يجعلني أختلق المشاكل، وأبحث عن العيوب فيها، كما يقولون، حتى تركتها وتسببت لها بألم شديد، ظللت متألمًا وأفتقدها وأراها في كل شيء في حياتي، إلَّا أنني متردد في الرجوع إليها، مرت عدة أشهر وعلمت أنها خُطبت وذهبت مني، ورأيت بعدها عدة فتيات، لكنني لم أنجذب إلى أي واحدة منهنَّ، وظلت هي في ذهني.

منذ أسبوعين رأيت فتاة أخرى وشعرت بالسعادة معها بالفعل، لكنني ترددت في إكمال الخطوة أيضًا، وألغيت الموضوع، وعدت مرة أخرى إلى نقطة الصفر.

مشكلتي ليست في الزواج فقط، ولكن في أي قرار مصيري، مثل العمل، أتردد فيه وأضيع فرصًا جيدة أتتني، وأشعر بالندم الشديد بعد ذلك وبتأنيب الضمير، وأستغرق فترة طويلة في التعافي، قبل أن أبدأ البحث من جديد.

ما هي الأسباب الجذرية للتردد في اتخاذ القرارات المصيرية، وخاصة فيما يتعلق بالزواج والعلاقات العاطفية، وما هي العواقب التي تترتب على هذا التردد في حياتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

أرحب بك في إسلام ويب.

بالفعل، التردد من هذا النوع مرتبط بشخصيتك في المقام الأول، وأعتقد أيضًا أن لديك شيئًا من التساهل مع نفسك حول الزواج، الزواج ميثاق غليظ، وهو مودة وسكينة ورحمة، وليس أمرًا للتجارب، والتنقل من علاقة مع فتاة إلى أخرى، لا ينبغي، مع احترامي الشديد لشخصك الكريم، فأرجو أن تُعَظِّم مفهوم الزواج لديك، وأن تسأل الله تعالى أن يهب لك الزوجة الصالحة، ولا تُطِل فترة الخطوبة أبدًا، تقدَّم وقم بعقد القِران، وعليك بالاستخارة، والاستخارة لا تعني أنني سوف أشعر بشعورٍ مُعيَّن؛ إذا كان شعورًا مريحًا، فهذا يعني أن هذا الأمر صالح، أو إذا كان شعورًا به انقباض وضيق وتعب، فهذا يعني أن هذا الأمر سيء، لا، الاستخارة هي أن تسأل مَن بيده الخير -وهو الله تعالى- أن يختار لك، فإن تمّ الأمر فهذا يعني أن هذا هو الخير لك، وإن لم يتم فيعني أن الله قد صرفه عنك؛ لأنه لا خير فيه بالنسبة لك، وبالنسبة لمن كنت تريد الارتباط بها، وليس مجرد الشعور.

طبِّق هذه المناهج وكن شخصًا إيجابيًا في تفكيرك، وكن حاسمًا في قراراتك، نعم نحتاج أن نتدارس الأمر، ونحتاج أن نُقيِّم مكونات الموضوع، حتى نصل إلى النتيجة الصحيحة، هذا أمرٌ معروف، وأنصحك بالدخول في عمل اجتماعي، فالأعمال الاجتماعية -كالأعمال الخيرية أو الثقافية أو الرياضية- تُساعد الإنسان على اتخاذ القرار، هذا أمرٌ معروف.

أريدك أيضًا أن تُجرِّب أحد الأدوية الممتازة جدًا التي تُقلِّل من درجة الوسواسية، التي كثيرًا ما تكون مصحوبة بالتردد، الدواء يُعرف باسم (فافرين - Faverin)، واسمه العلمي (فلوفوكسامين Fluvoxamine)، أنت محتاج له بجرعة صغيرة، تبدأ بخمسين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوع، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفِّضها إلى خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهر، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أيضًا حاول أن تقرأ الكتب المفيدة في التنمية البشرية، واقرأ أيضًا كتبًا حول الذكاء العاطفي أو الذكاء الوجداني، لأن الذكاء الوجداني يُعلِّم الإنسان كيف يفهم نفسه، ويتعامل معها إيجابيًا، وكذلك كيف يتعامل مع الآخرين بصورة إيجابية.

اجعل لنفسك قُدوة في الحياة، نموذجًا طيبًا، شخصًا ممتازًا، صالحًا، معروفًا بقدرته على اتخاذ القرارات، اجعله نموذجًا لك، هذا ليس أمرًا مرفوضًا أبدًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً