الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عاطل عن العمل وليس لدي أصدقاء..فهل من نصيحة؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني من البطالة منذ سنتين، عندما تركتُ التعليم، وازداد الأمر سوءًا عندما أخذ أخي حاسوبه الذي كنت أتعلم من خلاله التصميم والبرمجة؛ ليبيعه قبل أسبوع، من أجل شراء مخدرات.

كنت قد تركت التعليم بسبب موقف من أحد المدرسين، إذ لم يعجبه شعري، مع أنه ليس فيه قزع، فطلب من المدير طردي يوم الامتحان.

قررت أن أتابع تعلّمي من حاسوب والدي -رحمه الله-، وبعد أن وصلت إلى مرحلة جيدة في التصميم، تعطّل الجهاز ولم أتمكن من إصلاحه، ثم اشترى أخي حاسوبًا بعد ذلك بشهرين تقريبًا، لكنه تركه لأنه لم يكن بحاجة إليه، فأذن لي باستخدامه.

عدت للتعلم من جديد، لكن نسيت ما تعلمته سابقًا، والجهاز تعطّل مرة أخرى بدون سبب واضح، وتأخرت كثيرًا في إصلاحه، وعندما أصلحته، تكرّر نفس السيناريو، ولم أستطع أن أعود كما كنت، وأصبحت أشعر أنني لا أفهم شيئًا.

بعد ذلك، عدت لكتابة القصص القصيرة كهواية، لكنها لم تكتمل أيضًا، أنا نشأت بين أمّ وأب منفصلين، وكنت عند والدي، الذي جعلني أعيش عند جدّتي من سن 8 سنوات حتى 14، واستعبدوني؛ لأنهم لم يكونوا يعاملونني معاملةً آدمية.

باختصار شديد: أنا ابن بارّ بأمّه، وهذا ما تقوله لي، وأحاول أن أتعلم ديني بشكل أفضل، وأقرأ لابن تيمية، وابن الجوزي، وابن القيم، وقد استفدت منهم كثيرًا، وسمعت السيرة النبوية مرتين، وأنوي أن أقرأها -بإذن الله-، وقد وفقني الله إلى الالتزام بالصلاة منذ ثلاث سنوات.

أما والدتي، فأكثر ما يؤلمها أنني عاطل، وقد وصف لها الطبيب علاجًا للاكتئاب، وأخي مدمن مخدرات، أيضاً عاطل، يسرقنا، ويسيء إلى أمي كثيرًا، أما أبي، فقد كان ظالمًا لأبنائه ولزوجته، وقد توفّاه الله منذ سنتين، وأنا حقًا أريد أن أتعلم شيئًا ينفعني في ديني ودنياي، وأتكسّب منه رزقًا حلالًا، لدي الوقت والصحة، والحمد لله وحده.

لكن الآن، كل ما كنت أعتمد عليه قد ذهب، ليس لدي أصدقاء إطلاقًا منذ سنتين تقريبًا، وقد فشلت في كل شيء، ولكنني لم أيأس من رحمة الله: (إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ).

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على مشاركتك قصتك، وتفاصيل حياتك بصراحة، من الواضح أنك واجهت الكثير من التحديات والصعوبات في حياتك، ولكن في الوقت نفسه، يظهر أنك شخص قوي، يسعى لتحسين حياته، على الرغم من كل العقبات.

دعنا نجمل التحديات التي واجهتها بالتالي:
1. منذ تركك للتعليم، تعاني من عدم وجود مصدر دخل ثابت، وهذا أثر سلبًا على حياتك.
2. علاقتك المعقدة مع عائلتك، بما في ذلك الإساءة من الأب والأخ، وعدم الاستقرار الذي نتج عن ذلك.
3. واجهت صعوبات في تطوير مهاراتك بسبب المشاكل المتعلقة بالأجهزة، والتقنيات التي تحتاجها للتعلم.
4. عدم وجود أصدقاء أو شبكة دعم اجتماعية يعزز الشعور بالوحدة والعزلة.

هذه مجموعة من الحلول والاقتراحات:
1. إذا كان لديك حاليًا هاتف أو أي جهاز يمكن استخدامه، فهناك العديد من المصادر المجانية عبر الإنترنت لتعلم التصميم والبرمجة، وغيرها من المهارات، يمكنك البدء بمواقع مثل Coursera أو Khan Academy أو حتى YouTube.

2. بما أنك تملك الوقت والصحة، حاول الاستفادة من ذلك بالتركيز على تعلم شيء جديد، يمكن أن يفتح لك أبواب عمل، ربما تحتاج للبدء من جديد، لكن الاستمرارية هي مفتاح النجاح.

3. البحث عن عمل بسيط، حتى لو كان العمل مؤقتًا أو غير مثالي؛ فإن البحث عن عمل بسيط يمكن أن يساعدك على بناء الثقة بالنفس والشعور بالإنتاجية، ربما يمكنك البحث عن فرص عمل في مجالك المفضل أو حتى أعمال تطوعية تزيد من خبرتك.

4. استمر في البحث عن السكينة من خلال الصلاة والتعلم الديني، وتذكير نفسك بآيات مثل: (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [الشرح: 6] سيساعدك على الصمود في وجه الصعوبات.

5. حتى لو لم يكن لديك أصدقاء في الوقت الحالي، يمكنك محاولة الانخراط مع شباب صالحين، أو في مجتمع مهني عبر الإنترنت أو في منطقتك، قد تجد أشخاصًا يشاركونك نفس الاهتمامات، ويساعدونك على النمو والتطور.

6. الكتابة قد تكون وسيلة للتعبير عن مشاعرك وأفكارك، وربما تكون مجالاً تستطيع فيه التميز، حاول الاستمرار في كتابة القصص القصيرة، فقد تجد فيها وسيلة للتواصل مع الآخرين أو حتى مصدر دخل مستقبلي.

الحياة مليئة بالتحديات، ولكن الإيمان والصبر والعمل المستمر يمكن أن يفتح لك أبوابًا جديدة، الدعاء والاستغفار هما وسائل تقربك من الله، وتعينك على مجابهة الصعاب، وكما قلت: لا تيأس من رحمة الله، فهو دائمًا معك ويدبر لك الخير في كل حال.
(ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب).

وفقك الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً