فصل
قال الرافضي [1] : " البرهان الرابع والثلاثون : قوله تعالى : ( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا ) [ سورة الفرقان : 54 ] وفي تفسير الثعلبي عن ابن سيرين قال : نزلت في النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلي بن أبي طالب [2] : زوج فاطمة عليا [3] ، وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا [4] ، ولم يثبت لغيره ذلك ، فكان أفضل ، فيكون هو الإمام " [5] .
والجواب من وجوه : أولا : المطالبة بصحة النقل .
وثانيا : أن هذا كذب على ابن سيرين بلا شك .
وثالثا : أن مجرد قول ابن سيرين الذي خالفه فيه الناس ليس بحجة .
الرابع : أن يقال : هذه الآية في سورة الفرقان ، وهي مكية . وهذا من الآيات المكية باتفاق الناس قبل أن يتزوج علي بفاطمة ، فكيف يكون ذلك قد أريد به علي وفاطمة ؟ .
[ ص: 265 ] الخامس : أن الآية مطلقة في كل نسب وصهر [6] ، لا اختصاص لها بشخص دون شخص ، ولا ريب [7] أنها تتناول مصاهرته لعلي ، كما تتناول مصاهرته لعثمان مرتين ، كما تتناول مصاهرة أبي بكر وعمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج عائشة بنت أبي بكر ، وحفصة بنت عمر - من أبويهما ، وزوج عثمان برقية ، وأم كلثوم بنتيه ، وزوج عليا بفاطمة ، فالمصاهرة [8] ثابتة بينه وبين الأربعة . وروي عنه أنه قال : " لو كانت عندنا ثالثة لزوجناها عثمان " [9] وحينئذ فتكون المصاهرة مشتركة بين علي وغيره ، فليست من خصائصه ، فضلا عن أن توجب أفضليته وإمامته عليهم .
السادس : أنه لو فرض أنه أريد بذلك مصاهرة * علي ، فمجرد المصاهرة لا تدل على أنه أفضل من غيره باتفاق [ أهل ] [10] السنة والشيعة ، فإن المصاهرة * [11] ثابتة لكل من الأربعة ، مع أن بعضهم أفضل من بعض ، فلو كانت المصاهرة توجب الأفضلية للزم التناقض .


