( فصل )
قال الرافضي [1] : " وإليه يرجع [2] الصحابة في مشكلاتهم ، ورد عمر في قضايا كثيرة ، قال [3] فيها : لولا علي لهلك عمر " .
والجواب : أن يقال : ما كان الصحابة يرجعون إليه ولا إلى غيره وحده في شيء من دينه لا واضحه ولا مشكله ، بل كان إذا نزلت النازلة [ ص: 61 ] يشاورهم عمر - رضي الله عنه - فيشاور عثمان وعليا ، وعبد الرحمن وابن مسعود ، وزيد بن ثابت وأبا موسى ، حتى يشاور ابن عباس ، وكان من أصغرهم سنا . وكان السائل يسأل عليا تارة ، وأبي بن كعب تارة وعمر تارة .
وقد سئل ابن عباس أكثر مما سئل علي ، وأجاب عن المشكلات أكثر من علي ، وما ذاك لأنه أعلم منه ، بل علي أعلم منه ، لكن احتاج إليه من لم يدرك عليا .
فأما أبو بكر - رضي الله عنه - فما ينقل عنه أحد أنه استفاد من علي شيئا من العلم ، والمنقول أن عليا هو الذي استفاد منه ، كحديث صلاة التوبة [4] وغيره .
وأما عمر فكان يشاورهم كلهم ، وإن كان [5] عمر أعلم منهم . وكان كثير من القضايا يقول فيها أولا ثم يتبعونه ، كالعمريتين والعول وغيرهما ; فإن عمر هو أول من أجاب في زوج وأبوين ، أو امرأة [6] وأبوين بأن للأم ثلث الباقي ، واتبعه أكابر الصحابة وأكابر الفقهاء ، كعثمان وابن مسعود [ ص: 62 ] وعلي وزيد والأئمة الأربعة . وخفي وجه قوله على ابن عباس ; فأعطى الأم الثلث ، ووافقه طائفة . وقول عمر أصوب ; لأن الله إنما أعطى الأم الثلث إذا ورثه أبواه .
كما قال : ( فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث ) [ سورة النساء : 11 ] ، فأعطاها الثلث إذا ورثه أبواه ، والباقي بعد فرض الزوجين هو ميراث بين الأبوين [7] يقتسمانه كما اقتسما الأصل ، كما لو كان على الميت دين أو وصية فإنهما يقتسمان ما يبقى أثلاثا .


