الفصل الخامس : حكم القائل لذلك
الوجه الثالث : أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله أو أتى به وجوده أو يكفر أو ينفي نبوته أو رسالته ، به انتقل بقوله ذلك إلى دين آخر غير ملته أم لا ؟ فهذا كافر بإجماع ، يجب قتله ، ثم ينظر فإن كان مصرحا بذلك كان حكمه أشبه بحكم المرتد ، وقوي الخلاف في استتابته .
وعلى القول الآخر لا تسقط القتل عنه توبته لحق النبي - صلى الله عليه وسلم - ، إن كان ذكره بنقيصة فيما قاله من كذب أو غيره ، وإن كان متسترا بذلك فحكمه حكم الزنديق لا تسقط قتله التوبة عندنا كما سنبينه .
قال أبو حنيفة ، وأصحابه : من برئ من محمد أو كذب به ، فهو مرتد حلال الدم إلا أن يرجع .
وقال ابن القاسم في المسلم إذا قال : إن محمدا ليس بنبي ، أو لم يرسل ، أو لم ينزل عليه قرآن وإنما هو شيء تقوله : يقتل .
قال : ومن كفر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأنكره من المسلمين ، فهو بمنزلة المرتد ، وكذلك من أعلن بتكذيبه أنه كالمرتد يستتاب .
وكذلك قال فيمن تنبأ ، وزعم أنه يوحى إليه ، وقاله سحنون .
قال ابن القاسم : دعا إلى ذلك سرا أو جهرا .
وقال أصبغ : وهو كالمرتد ، لأنه قد كفر بكتاب الله مع الفرية على الله .
وقال أشهب في يهودي تنبأ أو زعم أنه أرسل إلى الناس ، أو قال : بعد نبيكم نبي أنه يستتاب إن كان معلنا بذلك ، فإن تاب ، وإلا قتل ، وذلك لأنه مكذب للنبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 553 ] في قوله : لا نبي بعدي مفتر على الله في دعواه عليه الرسالة والنبوة .
وقال محمد بن سحنون : من شك في حرف مما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الله فهو كافر جاحد .
وقال : من كذب النبي - صلى الله عليه وسلم - كان حكمه عند الأمة القتل .
وقال أحمد بن أبي سليمان صاحب سحنون : من قال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسود قتل ، لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأسود .
وقال نحوه أبو عثمان الحداد ، قال : لو قال : إنه مات قبل أن يلتحي ، أو إنه كان بتاهرت ، ولم يكن بتهامة قتل ، لأن هذا نفي .
قال حبيب بن ربيع تبديل صفته ومواضعه كفر ، والمظهر له كافر ، وفيه الاستتابة ، والمسر له زنديق ، يقتل دون استتابة .


