قوله تعالى : إن قارون كان من قوم موسى قال ابن عباس : كان ابن عمه ، قاله قتادة : ابن عم موسى أخي أبيه وكان قطع البحر مع بني إسرائيل وكان يسمى : المنور ، من حسن صوته بالتوراة ، ولكن عدو الله نافق كما نافق السامري .
فبغى عليهم فيه ستة أقاويل :
أحدها : بغيه عليهم أنه كفر بالله ، قاله الضحاك .
الثاني : أنه زاد في طول ثيابه شبرا ، قاله شهر بن حوشب .
الثالث : أنه علا عليهم بكثرة ماله وولده ، قاله قتادة .
الرابع : أنه صنع بغيا ، حين أمر الله موسى برجم الزاني فعمد قارون إلى امرأة بغي فأعطاها مالا وحملها على أن ادعت عليه أنه زنى بها وقال : فأنت قد زنيت . وحضرت البغي فادعت ذلك عليه فعظم على موسى ما قالت وأحلفها بالله الذي فلق [ ص: 265 ] البحر لبني إسرائيل وأنزل التوراة على موسى إلا صدقت، فقالت : أشهد أنك بريء وأن قارون أعطاني مالا وحملني على أن قلت، وأنت الصادق وقارون الكاذب فكان هذا بغيه ، قاله ابن عباس ، قال السدي : وكان اسم البغي شجرتا وبذل لها قارون ألفي درهم .
الخامس : أنه كان غلاما لفرعون فتعدى على بني إسرائيل وظلمهم ، قاله يحيى بن سلام .
السادس : أنه نسب ما آتاه الله من الكنوز إلى نفسه بعلمه وحيلته ، قاله ابن بحر .
وآتيناه من الكنوز فيه قولان :
أحدهما : أنه أصاب كنزا من كنوز يوسف عليه السلام ، قاله عطاء .
الثاني : أنه كان يعمل الكيمياء ، قاله الوليد .
[ ص: 266 ] ما إن مفاتحه فيه أربعة أقاويل :
أحدها : خزائنه ، قاله السدي وأبو رزين .
الثاني : أوعيته ، قاله الضحاك .
الثالث : مفاتيح خزائنه وكانت من جلود يحملها أربعون بغلا .
الرابع : أن مفاتيح الكنوز إحاطة علمه بها ، حكاه ابن بحر لقول الله وعنده مفاتح الغيب [الأنعام : 59] .
لتنوء بالعصبة فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : لتثقل العصبة ، قاله ابن عباس وأبو صالح والسدي .
الثاني : لتميل بالعصبة ، قاله الربيع بن أنس مأخوذ من النأي وهو البعد قال الشاعر:
ينأون عنا وما تنأى مودتهم والقلب فيهم رهين حيثما كانوا
الثالث : لتنوء به العصبة كما قال الشاعر
إنا وجدنا خلفا بئس الخلف عبدا إذا ما ناء بالحمل خضف
والعصبة الجماعة الذين يتعصب بعضهم لبعض واختلف في عددهم على سبعة أقاويل :
أحدها : سبعون رجلا ، قاله أبو صالح .
الثاني : أربعون رجلا ، قاله الحكم وقتادة والضحاك .
الثالث : ما بين العشرة إلى الأربعين ، قاله السدي .
الرابع : ما بين العشرة إلى الخمسة عشر ، قاله مجاهد .
الخامس : ستة أو سبعة . قاله ابن جبير .
السادس : ما بين الثلاثة والتسعة وهم النفر ، قاله عبد الرحمن بن زيد .
السابع : عشرة لقول إخوة يوسف ونحن عصبة [يوسف : 8] قاله الكلبي ومقاتل . وزعم أبو عبيدة أن هذا من المقلوب تأويله : إن العصبة لتنوء بالمفاتح .
أولي القوة قال السدي أولي الشدة .
[ ص: 267 ] إذ قال له قومه فيه وجهان :
أحدهما : أنه قول المؤمنين منهم ، قاله السدي .
الثاني : قول موسى ، قاله يحيى بن سلام .
لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : لا تبغ إن الله لا يحب الباغين ، قاله مجاهد .
الثاني : لا تبخل إن الله لا يحب الباخلين ، قاله ابن بحر .
الثالث : لا تبطر إن الله لا يحب البطرين ، قاله السدي ، وقال الشاعر:
ولست بمفراح إذا الدهر سرني ولا جازع من صرفه المتغلب
قوله تعالى : وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة فيه وجهان :
أحدهما : طلب الحلال في كسبه ، قاله الحسن .
الثاني : أنه الصدقة وصلة الرحم ، قاله السدي .
ويحتمل ثالثا : وهو أعم أن يتقرب بنعم الله إليه ، والمراد بالدار الآخرة الجنة .
ولا تنس نصيبك من الدنيا فيه ثلاثة تأويلات .
أحدها : لا تنس حظك من الدنيا أن تعمل فيها لآخرتك ، قاله ابن عباس .
الثاني : لا تنس استغناك بما أحل الله لك عما حرمه عليك ، قاله قتادة .
الثالث : لا تنس ما أنعم الله عليك أن تشكره عليه بالطاعة وهذا معنى قول ابن زيد .
الثاني : وأحسن فيما افترض الله عليك كما أحسن في إنعامه عليك ، وهذا معنى قول يحيى بن سلام .
الثالث : أحسن في طلب الحلال كما أحسن إليك في الإحلال .
ولا تبغ الفساد في الأرض يحتمل وجهين :
[ ص: 268 ] أحدهما : لا عمل فيها بالمعاصي .
الثاني : لا تقطع .
إن الله لا يحب المفسدين فيه وجهان :
أحدهما : لا يحب أعمال المفسدين ، قاله ابن عباس .
الثاني : لا يقرب المفسدين ، قاله ابن قتيبة .


