فصل في زوال القدوة وإيجادها وإدراك المسبوق الركعة وأول صلاته وما يتبع ذلك
إذا ( خرج الإمام من صلاته ) بحدث أو غيره ( انقطعت القدوة ) به لزوال الرابطة فيسجد لسهو نفسه ويقتدي بغيره وغيره به والأوجه أنه لو تأخر الإمام عن بعض المأمومين تأخرا غير مغتفر مع القدوة كان قاطعا لها لقصة [ ص: 234 ] أبي بكر رضي الله عنه ، لكن بالنسبة لمن تأخر عنه لا لمن لم يتأخر عنه ( فإن ) ( لم يخرج ) أي الإمام ( وقطعها المأموم ) بنية المفارقة ( جاز ) مع الكراهة حيث لا عذر له لما فيه من مفارقة الجماعة المطلوبة وجوبا أو ندبا مؤكدا ، بخلاف مفارقته بعذر فلا تكره ، وصلاته صحيحة في الحالين ; لأنها إما سنة على قول والسنن لا تلزم بالشروع فيها إلا في الحج والعمرة أو فرض كفاية على الراجح ، فكذلك إلا في الجهاد وصلاة الجنازة والحج والعمرة ، ولأن الفرقة الأولى فارقته صلى الله عليه وسلم في ذات الرقاع كما سيأتي ولخبر معاذ { أنه صلى بأصحابه العشاء فطول عليهم ، فانصرف رجل فصلى ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بالقصة ، فغضب وأنكر على معاذ ولم ينكر على الرجل ولم يأمره بالإعادة } . قال المصنف : كذا استدلوا به وهو استدلال ضعيف ، إذ ليس في الخبر أنه فارقه وبنى بل في رواية أنه سلم ثم استأنفها ، فهو إنما يدل على جواز الإبطال لعذر . وأجيب بأن البيهقي قال : إن هذه رواية شاذة انفرد بها محمد بن عباد عن سفيان ولم يذكرها أكثر أصحاب سفيان ، وبتقدير عدم الشذوذ أجيب بأن الخبر يدل على المدعى أيضا ; لأنه إذا دل على جواز إبطال أصل العبادة فعلى إبطال صفتها أولى .
واختلف في أي الصلاة كانت هذه القضية ، ففي رواية النسائي وأبي داود أنها في المغرب ، وفي رواية الصحيحين وغيرهما " أن [ ص: 235 ] معاذا افتتح بسورة البقرة " وفي رواية لأحمد أنها في العشاء فقرأ { اقتربت الساعة } قال في المجموع فيجمع بين الروايات بحمل ذلك على أنهما قضيتان ، ولكن ذلك كان في ليلة واحدة ، فإن معاذا لا يفعله بعد النهي ويبعد أنه نسيه ، وجمع بعضهم بين روايتي البقرة واقتربت بأنه قرأ بهذه في ركعة وبهذه في أخرى .


