قوله ( ومن كان صحيحا مكلفا ، لا حرفة له سوى الوالدين : فهل تجب نفقته ؟ على روايتين ) . قال القاضي : كلام الإمام أحمد رحمه الله يحتمل روايتين . وهما وجهان في المذهب . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والكافي ، والمغني ، والبلغة ، والشرح ، والقواعد الفقهية .
إحداهما : تجب له لعجزه عن الكسب . وهو المذهب . قال الناظم : وهو أولى . [ ص: 399 ] وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم . واختاره القاضي ، والمصنف ، وغيرهما . وجزم به ناظم المفردات في الأولاد . وهو منها ، كما تقدم .
والرواية الثانية : لا تجب .
تنبيهان
أحدهما : ظاهر قوله " سوى الوالدين " أنهما إذا كانا صحيحين مكلفين لا حرفة لهما : تجب نفقتهما من غير خلاف فيه . وهو أحد الطرق . وقطع به جماعة من الأصحاب . منهم : ابن منجا في شرحه ، والقاضي . نقله عنه في القواعد . قال الزركشي : لا خلاف فيهما فيما علمت . وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله . قال في القاعدة الثانية والثلاثين بعد المائة : وفرق القاضي في زكاة الفطر من المجرد بين الأب وغيره . وأوجب النفقة للأب بكل حال . وشرط في الابن وغيره الزمانة . انتهى . وهي الطريقة الثانية .
والطريقة الثالثة : فيهما روايتان ، كغيرهما . وتقدم المذهب منهما .
الثاني : مفهوم كلامه : أن غير المكلف ، كالصغير والمجنون ، وغير الصحيح : يلزمه نفقتهما من غير خلاف . وهو صحيح .
فائدتان
إحداهما هل يلزم المعدم الكسب لنفقة قريبه ؟ على الروايتين في المسألة الأولى . قاله في الترغيب . [ ص: 400 ] وقال في الفروع : وجزم جماعة يلزمه . ذكروه في إجارة المفلس واستطاعة الحج . قال في القواعد : وأما وجوب النفقة على أقاربه من الكسب : فصرح القاضي في خلافه ، والمجرد ، وابن عقيل في مفرداته ، وابن الزاغوني ، والأكثرون : بالوجوب . قال القاضي في خلافه : وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله : لا فرق في ذلك بين الوالدين والأولاد وغيرهم من الأقارب . وخرج صاحب الترغيب المسألة على روايتين . انتهى .
الثانية : القدرة على الكسب بالحرفة : تمنع وجوب نفقته على أقاربه . صرح به القاضي في خلافه . ذكره صاحب الكافي وغيره . واقتصر عليه في القواعد .


