3035 3036 ص: وقد روي أيضا عن أبي هريرة عن رسول الله - عليه السلام - ما يدل على أن تلك الصدقة التي أباح لها رسول الله - عليه السلام - إنفاقها على زوجها كانت من غير الزكاة .
حدثنا فهد ، قال : ثنا علي بن معبد ، قال : ثنا إسماعيل بن أبي كثير الأنصاري ، عن عمر بن نبيه الكعبي ، عن المقبري ، عن أبي هريرة : "أن رسول الله - عليه السلام - انصرف من الصبح يوما فأتى على النساء في المسجد فقال : يا معشر النساء ما رأيت من ناقصات عقول ودين أذهب بعقول ذوي الألباب منكن ، وإني قد رأيت أنكن أكثر أهل النار يوم القيامة فتقربن إلى الله بما استطعتن ، وكان في النساء امرأة عبد الله بن مسعود فانقلبت إلى عبد الله بن مسعود فأخبرته بما سمعت من رسول الله - عليه السلام - وأخذت حليا لها ، فقال ابن مسعود - رضي الله عنه - : أين تذهبين بهذا الحلي فقالت : أتقرب إلى الله وإلى رسوله لعل الله لا يجعلني من أهل النار ، قال : هلمي ويلك ، تصدقي به علي وعلى ولدي ، فقالت : لا والله حتى أذهب إلى رسول الله - عليه السلام - ، فذهبت تستأذن على رسول الله - عليه السلام - ، فقالوا : يا رسول الله هذه زينب تستأذن ، فقال : أي الزيانب هي ؟ قالوا : امرأة عبد الله بن مسعود ، فدخلت على النبي - عليه السلام - فقالت : إني سمعت منك مقالة فرجعت إلى ابن مسعود فحدثته فأخذت حلي أتقرب به إلى الله وإليك رجاء أن لا يجعلني في النار ، فقال ابن مسعود : تصدقي به علي وعلى بني فإنا له موضع . فقلت : حتى أستأذن رسول الله - عليه السلام - ، فقال رسول الله - عليه السلام - : تصدقي به عليه وعلى بنيه فإنهم له موضع " .
حدثنا الحسين بن الحكم الحبري ، قال : ثنا عاصم بن علي ، قال : ثنا إسماعيل بن جعفر قال : أخبرني عمرو بن أبي عمرو ، عن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - عليه السلام - مثله .
[ ص: 72 ] قال أبو جعفر -رحمه الله- : فبين أبو هريرة في هذا الحديث أن رسول الله - عليه السلام - إنما أراد بقوله : "تصدقن " الصدقة التطوع التي تكفر الذنوب ، وفي حديثه قال : "فجاءت بحلي لها إلى رسول الله - عليه السلام - فقالت : يا رسول الله خذ هذا أتقرب به إلى الله -عز وجل- وإلى رسوله ، فقال لها رسول الله - عليه السلام - : تصدقي به على عبد الله وعلى بنيه فإنهم له موضع " ، فكان ذلك على الصدقة بكل الحلي ، وذلك من التطوع لا من الزكاة ; لأن الزكاة لا توجب الصدقة بكل المال ، وإنما توجب الصدقة بجزء منه .
فهذا أيضا دليل على فساد تأويل أبي يوسف ومن ذهب إلى قوله للحديث الأول ، فقد بطل بما ذكرنا أن يكون في حديث زينب ما يدل على أن المرأة تعطي زوجها من زكاة مالها إذا كان فقيرا .


