تنبيهات :
الأول : قال ابن أبي أسامة إسماعيل بن أبي إسماعيل ، عن إسماعيل بن عياش ، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن سعد بن مسعود الليثي أن عثمان بن مظعون قال : يا رسول [ ص: 75 ] الله ، إني لا أحب أن أنظر إلى عورة امرأتي ولا أحب أن ترى ذلك مني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ولم ذلك ؟ إن الله تعالى جعلك لباسا لها ، وجعلها لباسا لك ، وإني أرى ذلك من أهلي ويرونه مني» ، قال : فمن يعدل بك يا رسول الله ، ثم ولى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ابن مظعون حيي ستير .
في سنده عبيد بن أبي إسماعيل ، وهو ضعيف ، وإسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين ، وعبد الرحمن بن زياد ضعيف ، ليس بشامي .
الثاني : جمع ابن حيان بين حديثي طوافه على إحدى عشرة وتسع بأن حمل ذلك على حالتين .
الثالث : قال الحافظ ضياء الدين المقدسي : لم يجتمع عند النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة امرأة إلا أن يكون بالجواري .
الرابع : روى الترمذي وصححه عن أنس مرفوعا «يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع ، قلت : يا رسول الله ، أيطيق ذلك ؟ قال : يعطى قوة مائة» انتهى .
فإذا ضربنا أربعين في مائة بلغت أربعة آلاف ، وبهذا يندفع ما استشكل من كونه صلى الله عليه وسلم أعطي قوة أربعين فقط ، وأعطي سليمان بن داود قوة مائة رجل أو ألف ، على ما ورد ، وسيأتي لهذا وما بعده مزيد بيان في الخصائص .
الخامس : للأنبياء من ذلك ما ليس لغيرهم ، فقد قال الحكيم الترمذي في نوادره : الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- زيدوا في النكاح بفضل نبوتهم ، وذلك أن النور إذا امتلأ الصدر منه ففاض في العروق التذت النفس والعروق ، فأثارت الشهوة وقواه .
ثم روى عن سعيد بن المسيب قال : إن الأنبياء يفضلون بكثرة الجماع على الناس؛ وذلك لما فيه من اللذة .
وروى الحافظ في (الفتح) قال : كل من كان أتقى لله كان أشد شهوة ، قال القاضي أبو بكر بن العربي في (سراج المريدين) قد آتى الله تعالى رسوله خصيصة عظمى وهي قلة الأمل والقدرة على الجماع ، فكان أقنع الناس في إلفه وتقنعه العلقة ، وتشبعه الحزة ، وكان أقوى الناس على الوطء .
وقال القاضي عياض : النكاح متفق على التمدح بكثرته ، والفخر بوفوره شرعا وعادة ، فإنه دليل الكمال ، وصحة الذكور به ، ولم يزل التفاخر بكثرته عادة معروفة ، والتمدح به سيرة ماضية .
وأما في الشرع فسنة مأثورة ، حتى لم يره العلماء مما يقدح في الزهد ، وسأل بلال بن أبي [ ص: 76 ] بردة محمد بن واسع : ما بال القرى أغلم الناس ؟ قال : لأنهم لا يزنون ، رواه ثعلب في «أماليه» .
وقيل لرقية بن مسلمة : ما بال القرى أكثر شيء نهمة وأكثر شيء غلمة ؟ قال : أما النهمة فإنهم يصومون ، وأما الغلمة فإنهم لا يزنون .
وقال الغزالي : أنكر بعض الناس حال الصوفية ، فقال له بعض ذوي الدين : ما الذي تنكر منهم ؟ قال : يأكلون كثيرا ، قال : وأنت أيضا لو جعت كما يجوعون لأكلت كما يأكلون ، قال : ينكحون كثيرا ، قال : وأنت أيضا لو حفظت عينيك وفرجك كما يحفظون لنكحت كثيرا كما ينكحون .
وقال الجنيد : يقولون : يحتاج إلى النكاح كما يحتاج إلى القوت ؟ قلت : فالزوجة على التحقيق سبب طهارة القلب .


