الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اضطرت والدتي للدخول لبيت أخي فغضب منها هو وزوجته!!

السؤال

السلام عليكم

طلبتْ والدتي من أخي، في وقتٍ سابق من الليل، أن يُرافقها صباح اليوم التالي إلى دائرة حكومية لاستكمال بعض الأوراق الرسمية المتعلقة بقيادتها لسيارة العائلة، وذلك نظرًا لاقتراب موعد زفاف أختي، وحتى لا تضطر إلى استخدام سيارات الأجرة التي ترهقها بسبب آلام في ظهرها وساقها الناتجة عن إصابتها بانزلاقٍ غضروفي.

وافق أخي، وأخبرها بأنه سيذهب معها في صباح اليوم التالي، لكنه سهر طَول الليل حتى الصباح، وغلبه النعاس.

في الساعة الثانية عشرة ظهرًا جاءت والدتي برفقة أختي إلى منزله، وبدأت تقرع الباب لمدة طويلة حتى استيقظ، وقد بدا عليه الانزعاج، وفتح لهما الباب.

دخلت والدتي وأختي إلى المنزل، وأخبرنا لاحقًا بأنه انزعج من دخولهما؛ لأنه لم يأذن بذلك، وكان المنزل في حالة غير مرتبة، ولم يُرِد لوالدته أن تراه على هذا الحال.

طلبت منه والدتي أن يُحضر الأوراق الرسمية الموجودة في غرفة النوم، وهي نفس الغرفة التي تنام فيها زوجته، وكانت حينها حاملًا في شهرها التاسع.

بحث أخي عن الأوراق ولم يجدها، فطلبت منه والدتي أن يوقظ زوجته لتبحث عنها بنفسها؛ لأنها متأكدة من وجودها في الغرفة، إذ أن أغراضها وأغراض أختي كانت موضوعة هناك منذ أن سكن أخي هذا البيت مؤقتًا.

انتظرت والدتي ربع ساعة، ثم دخلت الغرفة بنفسها، ووجدت الأوراق في مكانها، وألقت السلام على زوجة أخي، لكنها لم ترد، ولم تُكلّمها.

طلبت والدتي من أخي أن يُقلّها إلى الدائرة الحكومية، فرفض وامتنع حتى عن إيصالها إلى منزلها، وطلب منها أن تستقل سيارة أجرة كما جاءت، ثم رفع صوته عليها بسبب الغضب والنعاس، وقال لها إن ما فعلته لا يجوز.

خرجت والدتي من المنزل غاضبة، واتصلت بزوجة أخي لتعتذر لها عن زيارتها في ذلك الوقت، موضّحة أنها كانت بحاجة إلى الأوراق، إلا أن زوجة أخي قابلت الاتصال بالتأنيب، وقالت إن تصرف والدتي كان خاطئًا، وأنه لا يحق لها دخول البيت بهذه الطريقة، وأضافت: "أنا لستُ ابنتكِ كي تفعلي بي ما تشائين."

أجابت والدتي بأنها دخلت بيت ابنها، وأن زوجة ابنها بمقام ابنتها، فقالت الأخيرة: "أنا لستُ ابنتك، ولن أكون كذلك أبدًا"!

أغلقت والدتي الهاتف غاضبة، وركبت سيارة أجرة، وتوجهت إلى الدائرة الحكومية، لكنها لم تصل في الوقت المناسب، وأهدرت مالًا وجهدًا بلا فائدة بسبب تأخر أخي ورفضه إيصالها.

حينها، غضبت والدتي، وأمرت أخي بالخروج من المنزل، وهو منزل والدنا، فغضب أخي، ورأى أن والدته طردته دون سبب، وقال إنها أخطأت حين استعجلته في الذهاب، ودخلت منزله دون موعد مسبق، وكان يمكنها الانتظار حتى اليوم التالي، واحتجّ بآية الاستئذان، فمن هو المخطئ في هذا الموقف؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر الوالدة، وبما حصل معها ومع زوجة ابنها، ونسأل الله أن يهدي الأخ وزوجته إلى ما يُحبُّ ربنا ويرضاه، وأن يهديه لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

لا شك أن الخطأ واضح من قِبل الأخ وزوجته في حق الوالدة، خاصةً وقد تمّ تنسيق الأمر قبل يومٍ من ذلك، فهو مُخطئٌ بسهره، ومُخطئٌ بتغيُّبه، ومُخطئ بإساءته للوالدة، ومُخطئٌ بعدم تجهيزه للأوراق المطلوبة، كما أن زوجته لم تكن موفّقة في ردودها على الوالدة، ونسأل الله أن يهديهم إلى الحق والخير.

الوالدة طاعتُها مطلب شرعي، وحقُّها عظيم جدًّا، وهي المُقدّمة حتى على الأخ، فأولى الناس بالرجل أُمُّه، والزوجة كان عليها أن تُجامل لزوجها، وأن تُقدّر الظرف والأسباب التي جاءت بالأمِّ في ذلك الوقت ولذلك الاحتياج، وعلى كل حال: نتمنّى أن تُعالج الأمور بالهدوء.

أرجو أن يتواصل الأخ معنا حتى نُبيّن له ما كان ينبغي أن يحدث منه ومن زوجته، التي ينبغي أن تُدرك أن والدة الزوج صاحبة حق عظيم، وأن بِرَّها مطلب، وأن الإحسان إليها دليلٌ على كمال أخلاق الزوجة التي تُحسن إلى والدة زوجها، بل هذا لونٌ من الوفاء للزوج.

بالنسبة للأخ ليس له عُذرٌ في هذا الذي حدث، ونسأل الله أن يُعينكم على تجاوز هذه الأزمة، وعلى الوصول إلى الحق المناسب، لكننا لا نستطيع أن نلوم الوالدة أبدًا، فهي من حقّها أن تذهب، ومن حقها أن تدخل، وقد استأذنت، بل انتظرت طويلًا، بل دخلت بالإذن، كل الذي فعلته الوالدة لا تُلام عليه، خاصةً الزوج والزوجة كانوا على علمٍ بأنها ستأتي للأوراق وأنها على موعد، وأنه سيذهب بها؛ كلّ هذه الأمور لم تكن جديدة على هذا الأخ، وبالنسبة لزوجته أيضًا كان ينبغي أن يكون تعاملها ألطف وأحسن، ونسأل الله أن يُعينكم على الخير.

عمومًا: الوالدة ليست مخطئة، بل لها الحق، ونتمنّى من الأخ ومنكم أن تعتذروا للوالدة، وأن تُطيبوا خاطرها، وتحاولوا معالجة الأمور بمنتهى الهدوء، ونسأل الله أن يرزقكم برَّ الوالدة، وأن يُلهمكم السدد والرشاد، ونكرر لك الشكر على الاهتمام بهذه القضية، وأن يُعينكم على الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً