الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حاولت كسر الجمود والرهاب لدي ولم أفلح، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم

عمري 26 سنة، وأعاني من اضطرابات نفسية، أعلم أن لدي رهابًا اجتماعيًا، وقد جرّبت العلاج المعرفي السلوكي، لكنه لم ينفع معي، في كل مرة أحاول كسر حاجز الخوف، يعود الخوف مرة أخرى.

أشعر وكأن هناك شيئًا بداخلي أقوى من الرهاب، دائمًا أشعر بتعب وضغط في عقلي، ولا أستطيع التركيز، فتركيزي ضعيف جدًا، وأعاني من النسيان، ولا أستطيع التفكير، أشعر بثقل في رأسي، ودائمًا ما أشعر بعدم وجود دافع أو طاقة، ولا أملك نشاطًا.

أشعر أن لدي جمودًا، ولا أعرف كيف أتفاعل في المواقف بشكل طبيعي، دائمًا أشعر بجمود داخلي، وكأن عقلي منفصل عن الواقع، هناك ألم نفسي قوي، وأشعر وكأن نفسي رماد.

لا أستطيع الذهاب إلى الطبيب النفسي، ولا أعرف بالضبط ما الذي أعاني منه، أتمنى أن تساعدوني في تشخيص حالتي، وتقديم العلاج المناسب، وأنا أرغب في تناول علاج دوائي، لكنني أخاف؛ لأنني سمعت أنه مضر، وأن نتائجه مؤقتة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ياسمين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

نعم -أختي الفاضلة- قرأتُ سؤالك أكثر من مرة، وواضح أنك -كما ذكرت– تعانين من الرهاب الاجتماعي، والذي لم يستجب بشكل كافٍ للعلاج المعرفي السلوكي.

كنتُ أحب أن أعرف عن العلاج المعرفي السلوكي الذي قمت به: كم جلسة كان؟ وما نوع هذه الجلسات؟ ومع من تم هذا العلاج المعرفي السلوكي؟ لأنه عادةً يكون مفيدًا إلى حدٍّ كبير.

على كلٍّ، لاحظتُ أنك معلمة، وبعض الأعراض التي ذكرتها في سؤالك ربما ليس لها علاقة فقط بالرهاب الاجتماعي، وإنما بضغط العمل كمعلمة، فأرجو أن تنتبهي ألّا تكوني قد دخلت فيما يسمى (الاحتراق النفسي أو المهني)، بسبب ضغوط العمل والتعليم ومتابعة الطلاب؛ فهذا ليس بالأمر السهل، وكثير من المعلمين يمكن أن يعانوا مما تعانين منه؛ لأن مهنة التعليم قد يشعر فيها الإنسان أحيانًا بشيءٍ من الوحدة، أنك رغم وجود الناس من حولك، إلّا أنك تقلقين على التعليم وعلى الطلبة، وخاصة سلوكيات الطلاب.

لذلك أرجو أن تكون أن تتاح لك فرصة تشاركين فيها زميلاتك من المعلمات في ضغوط العمل هذه، وكيفية التعامل معها.

أمّا العلاج الدوائي، فنعم هناك علاجات دوائية للرهاب الاجتماعي، وإن كان العلاج الأكثر فعالية هو العلاج السلوكي عن طريق مواجهة المواقف الاجتماعية التي تسبب لك التوتر والقلق، وعدم تجنبها؛ فتجنب هذه المواقف الاجتماعية نعم يريحك على المدى القصير؛ لأنه يُذهب عنك القلق؛ لأنك تجنبت الموقف، إلّا أن هذا التجنب على المدى البعيد يزداد شدة؛ لذلك الأفضل من التجنب هو المواجهة، وهذا قد يكون أكثر نفعًا في كثير من الحالات من العلاج المجرد المعرفي أو حتى العلاج الدوائي.

ولكن إن احتجتِ إلى العلاج الدوائي، فنعم هناك أدوية أعراضها الجانبية خفيفة، مثل دواء (زولفت - Zoloft)، حيث تأخذين الجرعة (25 ملغ) أو حتى (50 ملغ) مرة في اليوم، فهذا يمكن أن يعينك، ولكن أؤكد لك أن العلاج السلوكي والمواجهة، وإذا ترافق مع العلاج المعرفي، فهذا من المفروض أن يكون فعالًا.

أما موضوع احتمال (الاحتراق النفسي)، فحاولي أن تعيدي النظر في نمط حياتك اليومي من ناحية النشاط البدني، وساعات النوم المناسبة، والتغذية الصحية المتوازنة، وشيء من الحياة الاجتماعية؛ فهذه الأمور أيضًا يمكن أن تخفف من أعراض الاحتراق النفسي -هذا إن وُجد-.

أدعو الله تعالى أن يكتب لك تمام الصحة والعافية، ويُعينك على هذه المهنة النبيلة، مهنة تعليم الطلبة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً